الأربعاء، 11 مايو 2016

اسمهان .. الاميرة والمخابرات ....... الحلقة الثالثة من سلسلة { نساء في فراش المخابرات }


على متن باخرة كانت تقل العائلة من تركيا  إلى سوريا ولدت الأميرة آمال الأطرش في 25نوفمبرعام 1912 لآل الأطرش زعماء جبل العرب التاريخيين,والدها فهد فرحان اسماعيل الأطرش وكان مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا،ووالدتها علياء المنذر.
 عاشت الأسرة في جبل الدروز حياة سعيدة حتى وفاة الأمير فهد، لتقرر الزوجة بعدها الهروب إلى مصر على إثر قيام الثورة السورية الكبرى.
في حي الفجالة بالقاهرة عاشت اسمهان واسرتها أيام بؤس وفقر، حتى أن والدتها الأميرة علياء اضطرت للعمل في الأديرة، وحفلات الأفراح لإعالة الأسرة، وكان فريد  اخوها الاكبر حينها في بداية حياته الفنية، لتبدأ بعده أسهمان تخطو خطواتها الأولى نحو عالم الفن.
في أحد الأيام استقبل فريد في المنزل الملحن  داود حسني أحد كبار الموسيقيين في مصر ان ذاك،فسمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها وغنت أمامه فدمعت عيناه وقال:“… كنت أرعى فتاة تشبه آمال وصوتها الجميل إلا أن الموت كان أسبق لها من الشهرة،لذلك فأنت من الآن ستحملين اسمها الفني { أسمهان } ، ولحن لها داوود حسني اول اسطوانة غنائية كتب عليها اسمها عام ١٩٣٢
واتيح لها الغناء في دار الاوبرا الملكية عام ١٩٣٣ وبدأ زيوع صيتها في عالم الغناء والطرب ، ولكن زواجها من ابن عمها الامير حسن الاطرش في نفس العام جعلها تهجر الفن حيث تزوجت وانتقلت معه للعيش في جبل الدروز بسوريا ، وبعد ست سنوات قضتها اسمهان مع زوجها ونظرا لكثرة الخلافات والمشاكل بينهما تم الانفصال وعادت الى القاهرة وبدأت تمارس الفن مرة اخرى وبشكل اكثر انتشارا .
فتحت الشهرة التي نالتها كمطربة جميلة الصوت والصورة أمامها باب الدخول إلى عالم السينما، فمثلت 1941 في أول أفلامها (إنتصار الشباب) إلى جانب شقيقها فريد،
فشاركته أغاني الفيلم. واثناء تصويره تعرفت إلى المخرج أحمد بدرخان ثم تزوجته عرفيا، ولكن زواجهما إنهار سريعاً وإنتهى بالطلاق .
في سنة 1944 مثلت في فيلمها الثاني والأخير (غرام وإنتقام) إلى جانب يوسف وهبي وأنور وجدي ومحمود المليجي وبشارة واكيم وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، وشهدت نهاية هذا الفيلم نهاية حياتها ايضا .
اسمهان والملكه نازلي
عام 1940 تعرفت أسمهان على أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي فى ذلك الوقت،و كان نتيجة هذا التعارف أن وقع أحمد حسنين فى غرامها و إن اكتسبت عدوة لدودة و هي الملكة نازلي والدة الملك فاروق و التي كانت تحب حسنين باشا و تغار عليه إلى حد الجنون ، و بدافع الغيرة و الانتقام قررت الملكة نازلي طرد أسمهان من مصر ، و بالفعل اتصلت بحسين سرى باشا رئيس الوزراء و وزير الداخلية و الذى تولى عملية تنفيذ القرار، مبلغاً أسمهان بأن إقامتها فى مصر انتهت و أن عليها أن تغادر خلال أسبوع ، و لم تجد من يقف بجانبها سوى صديقها  الصحفي الكبير محمد التابعي الذى تمكن بصداقته لكبار المسئولين أن يوقف تنفيذ هذا القرار و تجددت إقامتها مرة أخرى فى مصر

اسمهان والمخابرات

ذكر  محمد التابعي في كتابه أسمهان تروي قصتها:”يوم الجمعة 23 أيار 1941 اتصلت أسمهان هاتفياً بالتابعي وأبلغته أنها ستزوره في المساء،.وحينها أفشت له سرّ معرفتها ببعض ضباط الاستخبارات البريطانية وأنهم اتصلوا بها خلال اليومين الماضيين لتكليفها بمهمة في الشام.وأنها سبق وزودتهم بمعلومات حصلت عليها من بعض السياسيين المصريين واكتشفت بذلك إنها الطريقة المثلى للحصول على المال.
وكشفت أسمهان بذلك الكثير من أسرار الاستخبارات الألمانيةالغستابوفي القاهرة،وألحقت بعملائهم وعملياتهم الجاسوسية أضراراً كبيرة،ولقي بعضهم مصرعه على أيدي الاستخبارات البريطانية،ونتيجة ذلك أصدروا حكماً بالتخلص منها،وعندما علمت الاستخبارات البريطانية بأن عميلتها مهددة بالإعدام قرروا تهريبها من مصر بتكليفها بمهمة جاسوسية جديدة في الشام عن طريق القدس.
كانت بريطانيا تود من أسمهان أن تبذل جهودها لإقناع زوجها الأمير حسن الأطرش وعشيرته بالتعاون مع قوات بريطانيا التي تنوي الدخول إلى سوريا ولبنان لطرد قوات فيشي الفرنسية التي سلمت زمامها إلى الألمان.
وبذلك منحت بريطانيا أسمهان رتبة فخريةميجرأورائدلكي تنال امتيازات خاصة مالياً واستشفائياً لدى المستشفيات البريطانية كأي ضابط بريطاني عند الحاجة
البداية كانت في الأول من  مايو أيار عام 1941، حين التقاها نابيير يوغن (كان يشغل منصب قنصل بريطانيا في دمشق،ثم انتقل إلى سفارة القاهرة في قسم الدعاية،والذي  طلب منها لقاء  والتر سمارت، والذي كان  يعمل مستشارا لشئون الشرق في السفارة البريطانية وذلك في منزله بمنطقة الزمالك بالقاهرة  وهناك تقابلت مع جورج كاترو ممثل شارل ديجول في القاهرة والجنرال كوليت وهو احد قادة جيش فرنسا الحره و طلبوا منها  السفر إلى القدس بالطائرة حيث سيقابلها أحد عملائهم ويعطيها التعليمات ثم تسافر إلى عمان ثم سوريا ، ودفعوا لها مبلغ خمسة آلاف جنيه على أن يدفعوا  لها في فلسطين أربعين ألف جنيه لتوزعها على رؤساء العشائر في سوريا.
نجحت في إقناع عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء ، ولكنها خلال جولاتها ورحلاتها بين القدس وجبل الدروز شعرت بمدى الخطر الذي أوقعت نفسها فيه وتمنت لو تستطيع العودة إلى القاهرة وتترك هذه المغامرة،لكنها كانت وصلت في منتصف الطريق الذي لا يمكن العودة إلى أوله،وكانت تقبض مخصصات ورواتب رؤساء العشائر وتدفعها لهم بانتظام وبخاصة بعد أن تزوجت الأمير حسن الأطرش مرة أخرى واستقرت في السويداء وهكذا هددتها الاستخبارات الألمانية والسلطات الفيشية الفرنسية بالتوقف عن مهمتها لكنها استمرت،مما اضطرها تحت الضغوط والخطر أن تغادر سوريا هرباًالي القدس وتقيم في فندق داوود ،وحصلت نتيجة مهمتها على عشرين ألف جنيه،عاشت منها حياة بذخ ملأت بها ليالي القدس ولائم وسهرات.
وكانت النتيجة زحف القوات الفرنسيةقوات ديغولوالحلفاء نحو سوريا ولبنان وقضوا على القوات الفيشية واحتلوا البلاد.
يقول المخرج ممدوح الأطرش ان هدف اسمهان من التعامل مع المخابرات البريطانيه كان الحصول على استقلال سوريا ولبنان وعندما اكتشفت خديعة البريطانيين  حاولت انتقاماً لكرامتها أن تتصل بالألمان عن طريق صحفي اميركي كان يعمل لصالح المخابرات الالمانية! وسعت لمقابلة السفير الالماني بأنقرة للاتفاق معه لإنزال القوات الالمانية على الساحل السوري للقضاء على قوات الحلفاء. إلا أن المخابرات البريطانية تعقبتها وألقت القبض عليها ووضعتها في الإقامة الجبرية في بيروت، إلى أن هربت إلى القدس ثم عادت إلى القاهرة.

رغم حياتها القصيرة ـ حيث ماتت في سن يقارب 32 ـ إلا أن مشوارها كان مليئا بالأحداث المثيرة··
يؤكد المقربون منها أنها لم تكن تحب الفن بقدر عشقها لكونها أميرة·· وربما هذا ما استهواها في اللعب مع الكبار خلف كواليس السياسة·· لكنها لم تكن تتقن أصول اللعبة

نبوءات الوفاة

قبل وفاة أميرة الدروز أسمهان بأربع سنوات قيل بأنها عندما كانت تمر في ذلك المكان  الذي ماتت فيه  كانت تشعر بالرعب وخاصة عندما تستمع إلى آلة النفخ البخارية العاملة في الترعة حيث صرحت في أحد لقاءاتها الصحافية قائلة: «كلما سمعت مثل هذه الدفوف تخيلت أنها دفوف الجنازة».
وهناك أقاويل قالت بأن الفلكي الأسيوطي قد تنبأ لها وهي في بداية مشوارها الفني بأنها ستكون ضحية حادث في الماء.
يحكي المؤرخ الفنى الدكتور نبيل حنفى فى كتابه "الغناء المصرى- أصوات وقضاياقصة موتها كاملة
كانت "أسمهان" تصور فيلمها الثانى والأخير "غرام وانتقام"، وقبل انتهاء التصوير حصلت على إجازة من إدارة استديو مصر، لقضاء إجازة فى رأس البر، وفى الثامنة والنصف من صباح الجمعة "مثل هذا اليوم 14 يوليو"، استقلت سيارتها "طراز الكود" من أمام فيلتها بشارع الهرم، وبرفقتها صديقتها وسكرتيرتها "مارى قلادة"، وكان يقود السيارة فضل محمد نصير، السائق فى "الاستديو". قبل الساعة الحادية عشر بدقائق، وعند قرية "سرنفاش" التابعة لمركز "طلخا"، اصطدمت السيارة بحفرة كبيرة نتجت عن أعمال حفر تمت بعرض الطريق، وذلك لإمرار ماسورة تحمل الماء من ترعة الساحل إلى أرض أحد كبار الوزراء المطلة على الطريق، وكان الاصطدام من القوة بدرجة أطاحت بالسيارة إلى أعماق الترعة، وبينما تمكن السائق "فضل" من القفز من باب السيارة الأمامى وقبل أن تهوى إلى الماء، لقيت "أسمهان" و"مارى قلادة" مصرعهما غرقا فى الجزء الخلفى من السيارة، لفشلهما فى فتح أبواب السيارة المغلقة عليهما. كانت التحقيقات الأولية وردود الفعل تتوالى، بينما يستحث الموسيقار "مدحت عاصم" بالعمل مع العمال طوال الليل لحفر قبر "أسمهان" فى قطعة أرض بمدافن الإمام الشافعى، اشتراها شقيقها الفنان "فريد الأطرش" بعد وفاتها مباشرة، وفى الحادية عشرة من صباح السبت "15 يوليو 1944" توقف المرور تماما بوسط القاهرة، عندما تحرك موكب الجنازة الشعبية بآلاف المشيعين، يتقدمهم شقيقها فريد والموسيقار محمد عبد الوهاب.

 انطلقت الشائعات تحمل البعض مسئولية وفاة "أسمهان"، وكان أطرفها شائعة بأن "أم كلثوم" هى التى حرضت السائق على هذا الفعل حتى لا تزاحمها فنيا، وبالطبع لم يكن هذا الكلام صحيحا من بعيد أو قريب .

 المخابرات البريطانية قررت التخلص من أسمهان-بحسب بعض الروايات-لانها  لم تستطع الحفاظ على أسرارها حول علاقتها ببريطانيا والحلفاء، وخيانتها للحلفاء بتعاونها مع ألمانيا، وخلال تلك الفترة كانت أسمهان تصور آخر أفلامها «غرام وانتقام»، فاستأذنت من منتج العمل يوسف وهبي لتأخذ قسطاً من الراحة، و قررت السفر إلى رأس البر.
وفي رحلتها التي رافقتها فيها صديقتها ووصيفتها مارى قلادة، لاقت المطربة أسمهان مصرعها على إثر حادث غرق في ترعة «الساحل حالياً»، ولم ينج من الحادث سوى السائق الذي اختفى، بينما انتشل الأهالي جثة أسمهان وصديقتها. نجاة السائق والذي لم  يعرف مكانه بعد ذلك  اثار الشبهات ان  الحادث كان مدبرا  وبفعل فاعل  وفتح الباب لاقاويل كثيرة حول مقتلها  .
اختفاء السائق أثار الشبهات حول فكرة تدبير الحادث لاغتيال أسمهان، الأمر الذي جعل الكثيرون يربطون بين الحادث، ورغبة الاستخبارات البريطانية في التخلص منها، في الوقت الذي أشارت فيه أصابع الاتهام لزوجها الثالث أحمد سالم والذي حاول قتلها بالرصاص قبل موتها بايام لولا تدخل القدر.
رواية أخرى ذكرت أن الملكة الراحلة نازلي والدة ملك مصر الراحل فاروق الأول، كانت وراء تدبير حادث اغتيال أسمهان، بسبب غيرتها منها على حبيبها أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي الذي كان معجباً بالفنانة السورية.




نفى المحامي ماجد الاطرش  احد افراد عائلة الاطرش كل تلك الروايات بشأن مقتل اسمهان كما اكد ان تعاونها مع الاستخبارات الانجليزيه كان بهدف استقلال سوريا ولبنان واضاف في حوار له لمجلة الشبكه اللبنانيه ان اسمهان لم  تكن لعبة الاستخبارات الانجليزيه او الالمانيه  ولم تكن وراء مقتلها ولكنه لم ينفي  في الوقت نفسه ان اسمهان كانت ضحية لمخططات اخري لم يذكرها  وان كان رجح في احد لقاءاته الصحفيه ان تكون الملكه نازلي هي المسولة عن الحادث .
 كذب الفنان يوسف وهبى كل هذه الأقاويل فى أحد البرامج الفنية وقال ان الحادث كان قضاء وقدر، واستكمل تصوير فيلم غرام وانتقام ، وتكريمًا لها استعان بجثمانها ليصوّره فى آخر لقطة فى الفيلم قبل دفنه .
الحقيقة الواحده بين كل هذه الروايات أن بداية ونهاية أسمهان كانت من مكان واحد وهو «الماء»، ففي الوقت الذي وُلدت فيه على متن باخرة في البحر، لاقت مصرعها  غرقا في مياه النيل، تاركة لغزاً كبيراً حول حقيقة تدبير حادث لقتلها أي كان من ورائه .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق