السبت، 27 فبراير 2016

من روائع حكايات ذو القرنين



يروى أن ذا القرنين مر بقوم لا يملكون شيئاً من أسباب الدنيا، وقد حفروا قبور 

موتاهم على أبواب دورهم، وهم كل يوم يتعمّدون تلك القبور يكنّسونها وينظّفونها 


وينخرونها ويزورونها ويعبدون الله فيها، وما لهم طعام إلا الحشيش ونبات الأرض. 


فبعث إليهم ذو القرنين رجلاً فدعا ملكهم فلم يجبه، وقال: ما لي وله.

فجاء ذو القرنين، وقال: كيف حالكم؟ فإني لا أرى لكم شيئاً من ذهب ولا فضة، ولا 

أرى عندكم شيئاً من نعم الدنيا؟ قال: لأن نعم الدنيا لا يشبع منها أحد قط.

وقال: لم حفرتم القبور على أبوابكم؟ فقال: لتكون نصب أعيننا فننظر إليها، ويتجدد لنا 

ذكر الموت، ويبرد حب الدنيا في قلوبنا فلا نشتغل بها عن عبادة ربنا، فقال: ولم 

تأكلون الحشيش؟

فقال: لأنا كرهنا أن نجعل بطوننا قبوراً للحيوانات، ولأن لذة الطعام لا تتجاوز الحلق. 

ثم مد يده إلى طاقة فاخرج منها قحف رأس آدمي فوضعه بين يديه وقال: يا ذا 

القرنين، أتعرف من كان صاحب هذا؟ قال: كان صاحب هذا القحف ملكاُ من ملوك 

الدنيا، وكان يظلم رعيته ويجور عليهم وعلى الضعفاء ويستفرغ زمانه في جمع حطام 

الدنيا، فقبض الله روحه وجعل النار مقره وهذا رأسه، ثم مد يده إلى الطاقة وأخرج 

قحفاً آخر فوضعه بين يديه وقال له: أتعرف من كان صاحب هذا؟ قال: كان هذا ملكاً 

عادلاً مشفقاً على رعيته محباُ لأهل مملكته فقبض الله روحه وأسكنه جنته، ورفع 

درجته، ثم انه وضع يده على رأس ذي القرنين وقال: ترى أىّ هذين الرأسين يكون 

هذا الرأس؟ فبكى ذو القرنين بكاء شديداً وضمه إلى صدره،

 فقال: هيهات ما لي رغبة في ذلك.

 قال: ولم؟

قال: لأن الناس جميعاً أعداؤك بسبب المال والمملكة، وكلهم أصدقائي بسبب القناعة والصعلكة،

 فالله تعالى معك فالآن يجب أن تعرف حكايات النفس الأخير وتتيقن معرفتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق